8/11/1428هـ الموافق 18/11/2007م العدد 12834 جريدة الجزيرة
صفحة ( عزيزتي الجزيرة )
صفحة ( عزيزتي الجزيرة )
جدل حول الدبلوماسية
سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة الأستاذ خالد المالك -سلمه الله-.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. كثيراً ما أقرأ في الجزيرة مصطلح الدبلوماسية وتعقيباً عليه أقول: تثير جدلاً قضية المصطلح الأجنبي في مقالات الإعلاميين والأدباء المثقفين والنقاد الموسوعيين فضلاً عن المصطلح العربي فتتعدد المفاهيم وتبدو الإشكاليات حتى ليصعب على المتخصصين في تحديد معاني المصطلح تحديداً دقيقاً وبيان مفاهيمه وما تؤول إليه ظواهره واستعمالاته، ويكمن ذلك في النقل والترجمة للكلمات سواء كانت من أصل روماني أو إنجليزي أو فرنسي أو عربي، وبالترجمة بينهما وتكوينها لدى المشتغلين بالثقافة والإعلام والسياسة وتلقيها بالقبول أو الرفض وأكثرها جدلاً عند بعض الأدباء السعوديين لضعف لغتهم الإنجليزية وليستبين ذلك في مقالاتهم مهما تهيأت لهم وسائل الترجمة، وليس معنى هذا أن نضعهم في مكان المقارنة أو المراغمة عندما يتأثر بعضهم ببلاغة أدباء مصر كالعقاد وطه حسين وغيرهما، حيث تمكنهم من اللغة الإنجليزية أو الفرنسية فترجموا لنصوص أدبية وتأثرت بها ذائقتهم كما تأثر بهم بعض من مثقفينا فتصيب أساليبهم مما ينجم عنه من الإبداع والفكر والثقافة وأثر التلقي.. والمصطلحون لا زالوا مشتغلين بعلم المصطلح ومن ذلك مصطلح الدبلوماسية، فقد كان تعريف د. سموحي فوق العادة في كتابه الدبلوماسية الحديثة بطبعته 1973م تعريفاً طرأ بعد تغيرات في العمل الدبلوماسي الحديث وكما في كتابه معجم الدبلوماسية والشؤون الدولية بطبعته 1974م ثلاثي اللغة إنجليزي - فرنسي- عربي فقد كان هناك بحث ناقد له ومشروع معجمي ومصطلحي من تجربة أزيد من عشر سنوات قدمته ليلى المسعودي كباحثة ومنسقة لمجموعة من الباحثين على إنجاز قاموس عربي - فرنسي خاص بالحقل الدبلوماسي، جاء هذا ليملأ الفراغ الذي يعاني منه هذا المجال، واتضح للباحثين من خلال التجربة أننا لا زلنا نفتقد أشد الافتقاد إلى مؤلف معجمي بسيط ودقيق، وكان ذلك بعد اطلاعهم على قوائم المصطلحات التي تصدرها بعض الهيئات المختصة كهيئة الأمم والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والأسئلة المطروحة بواسطة الحاسوب لمختلف قواعد البيانات وما أجري من أبحاث في المكتبات فلم يجدوا فيها مؤلف معجمي واحد في مجال الدبلوماسية والصعوبة الثانية تحليل وضبط مفهوم الدبلوماسية من زوايا ثلاث من اشتقاقها ومن سياقها ومن زاوية موسوعية فالأولى تاريخ اشتقاق الكلمة من اللاتينية حتى تطورت ومن تركيبها على نحو الدبلوماسية الثنائية والدبلوماسية متعددة الأطراف.. إلخ ومن زاوية الموسوعية الشكل والوظيفة يمكن القول إن هذا المفهوم يشمل السياسة الخارجية للدول والوسائل السلمية لتسوية النزاعات الدولية ومختلف سبل التفاوض ومبادئ اللياقة واللباقة والمودة التي تطبع العلاقات بين الدول مع الحفاظ على مصالحها الخاصة واحترام قواعد التشريفات الدولية ومختلف صيغها المحلية.. إلخ. التاريخ والدبلوماسية قضايا المصطلح والمنهج فمصطلح الدبلوماسية متنوع ومتعدد يجمع بين الفن والعلم له تاريخ روماني وبيزنطي حتى تلقاه من تلقاه إلى يومنا هذا ولست هنا بصدد تكرار ما ذكر على صفحات الجزيرة. ففي قاموس بنغوين للعلاقات الدولية (كثيراً ما تستخدم هذه الكلمة خطأ كمرادف للسياسة الخارجية ففي حين يمكن وصف تلك الأخيرة بوصفها مادة علاقة الدولة مع الآخر وأهدافها ومواقفها فإن الدبلوماسية هي الأدوات التي تستخدم لإنفاذ تلك الأمور فهي معنية بالحوار والمفاوضات وبهذا المعنى فهي ليست مجرد أداة للدولة بل هي أيضاً مؤسسة من مؤسسات نظام الدولة ذاته) بيد أن صاحب السمو الملكي الأمير د. فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود عرفها في كتابه الدبلوماسية والمراسم الإسلامية بأنها: (عبارة عن أسلوب اتصال الحكومات بعضها بالبعض الآخر من خلال ممثليها ويشمل كافة أساليب ووسائل مباشرة العلاقات الخارجية بمختلف جوانبها وعلى اتساع المنظومة الدولية) وذكر أن هذا هو الأقرب إلى الواقع الحالي للعلاقات الدبلوماسية المعاصرة وتمثل عناصر العمل الدبلوماسي الحديث.